في هذه الحكاية المضحكة، بعنوان التمساح، يحس القارئ بتأثير من جوجول في دوستويفسكي. إنها تذكّر بقصة جوجول عن مغامرة "الأنف" العجيبة. وهذا ما يعترف به دوستويفسكي نفسه. فكما تخيّل جوجول في سبيل الإضحاك أنفًا يتخذ وجه إنسان، كذلك تساءل دوستويفسكي، حين رأي تمساحًا جيء به إلى مدينة بطرسبرج: فما عسى أن يفعل..
في رواية الجارة التي كتبها دوستويفسكي الشاب، يقول على لسان كاترين بطلة الرواية: "هب الحرية لإنسان ضعيف، يرفضها هو نفسه ويردها إليك." وهو بهذا يطرح مشكلة الحرية والإرادة، التي سيعود إليها في عدد من رواياته. فكاترين تريد أن تهب الحب الصادق لإنسان جدير بها، لكنها لا تستطيع أن تتحرر من قيود أخطاء الماضي..
تحدث دويستوفسكي عن مولد هذه القصة في رسالة بعث بها إلى الشاعر آبولون مايكوف، فقال: "قضيت ثلاثة أشهر في كتابتها.. فملأت إحدى عشر ملزمة من ملازم المطبعة على الأقل. فتستطيع أن تتصور إذن أي عمل من الأعمال الشاقة التي تفرض على سجناء المعتقلات قد قمت به. لا سيما وأنني أخذت أكره هذه القصة الرديئة منذ البدا..
في هذه الرواية البديعة نسبح معًا داخل العقل الباطن لرجلٍ يجسد مثال حي للتقلبات الحقيقية للنفس البشرية، والأطماع التي تقف حائلًا بين بطل حكايتنا وبين بلوغ ما يصبو إليه من عيشة كريمة وحب يستلزم قدر هائل من التضحيات مُعلم يحيد عن عمله التربوي ويقرر السير في طريق المحاولة لكسب الكثير من الأموال من أقرب ..